الأربعاء، 28 مارس 2012

تواصل أزمة الوقود وإنقطاع الكهرباء في قطاع غزة

الدراسة على ضوء الشموع
غزة - تحلم ليزا بالاستعداد لامتحانها المدرسي على ضوء يأتي من المولد الكهربائي الصغير رغم ضجيج صوته ودخانه السام بدلاً من الشمعة التي اضطرت لاستخدامها في ظل تفاقم ازمة الكهرباء والوقود في قطاع غزة.

وتعبر الطفلة ليزا مشهراوي ذات الثلاثة عشر عاماً عن حزنها بسببا الظلام في منزلها.

وتتساءل التلميذة في الصف السابع في مدرسة راهبات الوردية الخاصة غرب مدينة غزة "هل يجوز ان نقرأ على ضوء الشمع؟ كيف سأنجح في الامتحان؟". وتتابع ان "ضجة المولد والدخان الكريه الرائحة افضل الف مرة من الدراسة على ضوء الشمعة... انا اكره العتمة".

وعلى غرار مئات التلاميذ ادت ازمة الكهرباء لتراجع المستوى الدراسي لليزا بعدما كانت من المتفوقين.

ويقول والدها الطبيب عبد الستار ان مولد المبنى توقف بسبب عدم وجود سولار و"اشتريت مولدا صغيرا ولا بنزين. في الازمات كنا نشغله". ويضيف "الان الوضع كارثي. فنحن نسكن في الطابق الخامس والعتمة دائمة وخوف دائم للاولاد ولا يستطيعوا القراءة ونستخدم السلالم".

وتفاقمت ازمة الكهرباء في القطاع منذ ستة اسابيع بعد توقف في تهريب الوقود المصري عبر الانفاق وعدم قبول الحكومة المقالة بضخ الوقود الاسرائيلي رغم ضخ كمية محدودة الجمعة بعد اتفاق تم التوصل اليه بواسطة مصر. وتتبادل حكومتا سلام فياض والمقالة الاتهامات حول اسباب الازمة.

ويبدو ان الازمة الاخيرة اضطرت غالبية الغزيين لاقتناء مولدات كهربائية بسبب غياب الكهرباء لحوالي 18 ساعة يومياً.

ويقول محمد الموظف في شركة "مرتجى" التي تعتبر اكبر مستورد للمولدات الكهربائية ان "مولد الكهرباء اصبح شيئا اساسيا في حياة الناس بغزة واعتقد ان ثمانين بالمئة من بيوت القطاع لديها مولدات كهربائية تتراوح قدرتها من كيلوواط واحد الى ميغاواط واحد (1000 كيلو) اضافة الى الشركات والوزارات والمستشفيات". ويشير الى زيادة نسبة المشترين للمولدات في الازمة الاخيرة.

ويقول: "لاحظنا ان اصحاب الشقق في الابراج السكنية التي تملك مولدات كبيرة يشترون مولدات صغيرة بسبب ازمة الوقود"، موضحا ان ثمن مولد قدرته كيلوواط مزود بكاتم صوت يبلغ "الف دولار و1 ميغاواط يبلغ بـ70 الف دولار ويتم استيرادها عبر معبر كرم ابو سالم (كيرم شالوم)".

ويرى عدد من السكان ضرورة توفير مولدات كهربائية "ضخمة لتوفير التيار الكهربائي" في احياء كاملة بديلا "موقتا" عن شركة توزيع الكهرباء.

ويشير مصدر فني الى ان الهاتف النقال في غزة يمكن ان يتوقف اذا تعطلت المولدات الـ350 التي وزعتها شركة "جوال" الفلسطينية على محطات الارسال في القطاع.

ويضج شارع عمر المختار الرئيسي في غزة بمحلاته التجارية باصوات المولدات الصاخبة والموضوعة على ابواب المحال.

فادي سكيك صاحب محل احذية في منطقة الشيخ رضوان شمال غزة يؤكد ان اصحاب المحال التجارية "يعانون اقتصاديا ونفسيا" بسبب ازمة الكهرباء ونفاد الوقود. ويوضح "هذا عبئ مالي نتحمله للاسف نضطر لتشغيل المولد من الساعة 17,00 الى الساعة 19,00 بدلا من مواصلة فتح المحل حتى 11 مساء وهذا يؤثر سلبيا علينا وعلى الوضع الاقتصادي".

وهو يرى ان رائحة العادم والضجة من المولدات "تقلل الزبائن وتزيد التوتر. لا نعرف متى تاتي الكهرباء ومتى تقطع فبدل الحديث عن الخبز يتحدث الناس عن البنزين والسولار والكهرباء هذه ليست حياة".

وتتفاقم اوضاع الغزيين على المستوى النفسي لاستخدام المولدات الكهربائية ما يزيد "التوتر والقلق" لديهم وفقا للاخصائي النفساني الطبيب سمير زقوت.

وقال زقوت لـ"فرانس برس" ان "الانسان الغزي يعيش تحت حصار اسرائيلي وتحت وطأة انتظار الصدمات القادمة. هذه سلسلة متكاملة ترهق المواطن من ناحية اقتصادية من حيث تكاليف اضافية واجتماعية لغضبهم من الضوضاء التي تسبب التوتر النفسي".

وراى زقوت ان الصغار "اكثر تأثرا من الكبار. هذا يزيد العنف ويجعل الاسرة متوترة في دائرة جهنمية" لكنه يحذر من "مسالة خطيرة" لان "جزءا من الادمان له علاقة بالصدمات والتوتر ولا تستطيع حكومة رام الله ولا غزة وقف التوتر لان اسرائيل سبب رئيس في المشكلة".

وتمكن فنيون من صناعة عدد قليل من الالواح لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية في قسم في مستشفى الشفاء وهو اكبر مشافي القطاع.

وفي اشارة لتفشي حالة الاحباط وضع الحاج ابو احمد وهو من سكان مخيم الشاطئ لافتة على باب منزله كتب عليها "قطعوا الكهرباء ماشي.. اشترينا ماتور كهرباء بنزين فقطعوا البنزين ماشي.. اشترينا ماتور سولار قلنا ماشي فقطعوا السولار الان ما باقي علينا الا نشتري ماتور يعمل على المياه".

وكتب سائق سيارة اجرة داخل سيارته على لافتة صغيرة "الرجاء عدم الحديث في السياسة او الكهرباء".

واضطر سائق سيارة الاجرة محمد العاصي (27 عاما) لاستخدام "زيت الطعام" بديلا للوقود لتشغيل سيارته.

وقال ان "زيت الطعام غالي الثمن لكن بالنسبة لعدد من السائقين يشكل حلا" رغم الرائحة الكريهة والدخان "الضار صحيا" المنبعث من عوادم هذه السيارات.

وتقول ليزا "العتمة اكثر امانا من المولد الكهربائي لان الكثير ماتوا بسببه".

وتوفي 17 فلسطينيا في العامين الاخيرين في حوادث مختلفة اثر الاستخدام الخاطئي للمولدات الكهربائية وفق مصادر طبية.

وبحسب الدفاع المدني "تم التعامل مع 85 حريق" بسبب انقطاع الكهرباء والاستخدام السئ للمولدات.

وبتهكم تقول سوسن (29 عاما) وهي من سكان مدينة غزة ان مولد الكهرباء اصبح "شرط العروس" لاكتمال الزواج في غزة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق